قال عمر بن عبد العزيز: (من خاف الله أخاف الله منه كل شيء، ومن لم يخف الله خاف من كل شيء)

الاثنين، 15 أبريل 2013

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فهذه محاضرة قيِّمة جدًا أجاب فيها الشيخ: أبو عمر أسامة بن عطايا العتيبي -حفظه الله- عن أسئلة عديدة متعلقة بتربية الأبناء، وبعض المسائل وهي:
  • قاعدة: ما لا يجوز للكبار لا يجوز للصغار وبعض استثناءاتها.
  • لبس البنطال والقصير وما فيه صور ذوات الأرواح، والإسبال
  • حكم حلق شعر البنات كله..
  • حكم الرسوم المتحركة وألعاب الفيديو والتلفاز..
  • متى يبدأ الوالدان تعليم الأبناء أمور العقيدة والدين ..
  • وفوائد في تربية الأبناء على سبيل الاختصار ..
لتحميل المادة الصوتية:
هنا

وفيما يلي إن شاء الله تفريغ للمادة. وأسال الله أن ينفع بها 
 
إن الحمد لله نحمـده ونستعينـه ونستغفره، ونعـوذ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل لـه ومن يُضلل فلا هادي لـه، وأشهد أن لا إلـه إلَّا الله وحده لا شريك لـه وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسولـه، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءًۚ وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[النسـاء: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا [الأحزاب: 70]، أمـا بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمِّدٍ –صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمـور مُحدثاتها وكلَّ محدثـة بِدعـة، وكلَّ بِدعـة ضلالـه وكلَّ ضلالـة في النَّار.

فهذه مجموعة من الأسئِلة وردت تتعلق بأحكام الصِغار، من حيث الأحكام التكليفية أو المتعلِّقة بهم وبعض الأمور المستخدمة للترفيه وكذلك الألبسة وأمور تتعلَّق بالزينة وتربيتهم.

السؤال الأول:
ما هي صحة قاعدة: ما لا يجوز للكِبار لا يجوز للصِغار؟ وهل هي على إطلاقها أم أن فيها تفصيلاً.

الجواب:
هذه القاعة ذكرها بعض أهل العِلم أنه: ما لا يجوز للكِبار لا يجوز للصِغار، أن النهي إذا ورد عن فعل من الأفعال للكِبار من الرجال والنِساء فإن الأصل أن يشمل هذا الصِغار أيضًا، لأن هؤلاء الصِغار سيكبرون ويُصبحون مُكلَّفين –إذا شاء الله تعالى طبعًا أن يبلغوا- فيحتاجون إلى تهيئة وتربية وإعداد لهذه المرحلة، أو لما بعد البُلوغ. والشرع أَوْلَى الأطفال عِناية ورِعاية، وحثَّ على إحسان تربيتهم، ويقول الرسول –عليه الصلاة والسلام-: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، ويقول –صلى الله عليه وسلم-: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُول»، ويقول رب العزة والجلال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم: 6]، ويقول –سبحانه وتعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابـن: 14]، فلا بد للإنسان أن يهتم بأولاده: تربية وإعدادًا وتهيئة لما خُلِقوا له، لأن الأصل في وجود النوع والإنساني وكذلك الجن هو عبادة الله –عز وجل-، فهذا الطِفل ما وُجِد ليلعب ويلهو فقط، وإنما وُجِد ليعبد الله –عز وجل- إذا بلغ. والله –سبحانه وتعالى- حكيم عليم اِقتضت حكمته أن هؤلاء الأطفال ينمو عقلهم كما ينمو جسدهم، فلذلك لما كان جسدهم صغيرًا قد لا يقوى على بعض التكاليف في حال الصِغر يتدرج معه في ذلك، كذلك عقله يكون في أوله لا يعقل شيئَا؛ ﴿يَا وَاللَّـهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا [النحل: 78]، ثم بعد ذلك يكبر شيئًا فشيئًا، فجل الإسلام هذه المرحلة وهي مرحلة الطفولة –قبل البلوغ- مرحلة إعداد، وهذه المرحلة كما هو ظاهر تنقسم إلى ثلاثة أقسام من حياة الطفل: القسم الأول: ما هو دون سن التمييز، لا يعقل ولا يفهم. وسن التمييز اِختلف العُلماء فيه ما بين ثلاث سنوات أو أربع سنوات أو خمس سنوات، سن التمييز الذي يُميِّز بين الجمرة والتمرة وبين الحلو والحامض ونحو ذلك. يعني عنده شيء من الفهم، التمييز بين ما يضره وما ينفعه، فيختلف النَّاس والأطفال يختلفون في هذا، لكن أقل سن للتميز ثلاث سنوات.

ثم المرحلة الثانية من هذا السن هي مرحلة ما بين سن التمييز وظهور ملامح الذكور للذكر وملامح الأنثى للبنت قبل البُلوغ، هذه مرحلة ثانية بعد التمييز ولكن دون ظهور المفاتن والمحاسن التي –يعني- الشرع راعاها في قضية الحجاب وقضية الاِختلاط ونحو ذلك، حماية للوقوع في الفواحش.

المرحلة الثالثة:
وهي مرحلة ما قبل البُلوغ، وهنا سن يكون التمييز ظاهر جدًا وواضح والفهم والعقل وهذا يعني، ذكر النبِّي –صلى الله عليه وسلم- بالنسبة للصلاة أنه يبدأ من العاشرة، وما بعد التمييز ودون هذا السن من السابعة، يعني هذا أكمل التمييز سبع سنوات لقوله –صلى الله عليه وسلم-: «مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ»، فجعل النبِّي –عليه الصلاة والسلام- للطفولة بالنسبة للصلاة ثلاثة مراحل: المرحلة الأولى: من الولادة إلى سبع سنوات، هذا يكون فيه ضعف في التمييز عند الطفل قبل أن يبلغ سبع سنوات.

المرحلة الثانية: ما بين السبعة والعشرة؛ وهي نوع من اِكتمال العقل أو قرب اِكتمال العقل والملامح ونحو ذلك، والفهم وقرب البُلوغ. وهو من سبعة والعاشرة. ثم ما بين العاشرة وسن البلوغ، وقد يطول عند بعض الأولاد والبنات إلى خمس سنوات، هذه المرحلة قد تستمر خمس سنوات، وقد تستمر سنة واحدة. الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال: «وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ».

إذًا هناك مراحل للأطفال راعاها الشرع في قضية الصلاة وتُراعى في القضايا الأخرى أيضًا، لكن الجواب لأجله وهو أن الأصل وهو أن ما خُوطِب به الرِّجال والنِساء فهذا أيضًا مُتعلَّق بالأطفال لكن من الذي يُخاطب؟ إنما هو الولي، إنما هو الولي، الطفل لا يُخاطب لقوله –صلى الله عليه وسلم-: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثٍ»؛ قلم التكليف، ومنها عن الصبي حتى يحتلم. فسن الاِحتلام -أو سن البُلوغ- هو الذي فيه التكليف والمخاطبة، أما قبل ذلك فمن المُخاطب؟ الولي، المخاطب أنه يُحسن اختيار الزوجة قبل الزواج، يُحسن تهيئة الزراعة، تهيئة الأرض الزراعية للأولاد وهو: الزوجة والزوج الصالح، ثم بعد ذلك في حال الولادة: تسميته، حلق شعره والعقيقة والتحنيك ونحو ذلك، هذا كلها مخاطب بها الولي. كذلك حِفظ ماله وحفظ حياته وتربيته وإعداده وأمره بالصلاة ونحو ذلك، كل هذا مُكلَّف به الولي والأسرة؛ الأم والأب مسئولان عن هذا الطِفل. فلذلك هذه القاعدة قاعدة صحيحة في أصلاها: ما لا يجوز للكِبار لا يجوز للصِغار، لكن مع التنبيه على قضية من المخاطب، فالمخاطب بالنسبة للصغار هو الولي وليس نفس الصغير. ثم إن الصبي يختلف عن الكبير بأنه تُكتب حسناته ولا تُسجل عليه الأوزار، بخلاف الكبير حسناته وسيِّئاته مكتوبة. الفرق الثالث: أن الصبي إذا عمل الشر مع كونه لا يأثم أيضًا وليه لا يأثم إذا ما فرَّط، أيضًا لا يأثم، فلكونه غير مكلَّف فهذه راجعة للأمر الأول: الفرق بين التكليف وعدمه. لذلك يختلف الصغير عن الكبير من حيث أنه إن عصى الله لضعف عقله وضعف فقهه وعدم بلوغه فلا يأثم الولي حينئذٍ إذا كان أدَّى ما عليه، والطفل أيضًا لا يأثم ولكن يُنكَر عليه. وقد ذكر بن القيِّم –رحمه الله- في كتابه: "الصواعق الـمُرسلة" أن الطفل إذا اِستمرأ المعصية وهو صغير يعني: ما رُبِّيَ على الفضائل؛ إما بتفريط من الوالدين وإما بتفريط أو بضياع من الولد نفسه، فإنه يُعاقب إذا كبُر بالمعصية، يعني: يقع في المعاصي على تفريطه بعد تمييزه، هو لا يُعاقب وهو صغير لكن لما يبلُغ يجد العاقبة. ذكر هذه كفائدة ضمن: "الصواعق المرسلة". إذا هذه القاعدة قاعدة صحيحة وقد قالها الشيخ الفوزان –حفظه الله- بالنص: أنه ما لا يجوز للكبار لا يجوز للصغار، هذا هو الأصل. فإن قال قائل: العورة، يعني لا يجوز للكبير كشف العورة، يعني لا يجوز له كشف فخذيه مثلاً للرجال، الطفل الصغير فإنه لا بأس أن يلبس ما دون الركبة، يعني عورته مختلفة. فيُقال هنا: ليس الكلام هنا حول يجوز ولا يجوز، حول ماهية العورة، اِختلاف العورة. فمثلاُ: المرأة تختلف عن الرجل، كلاهما مأمور بستر العورة؛ نساءً ورجالاً، لكن المرأة مُخاطبة بستر عورتها وعورتها مختلفة عن عورة الرجل، فلذلك اختلف الحُكم لاِختلاف العورة لا لاِختلاف الخِطاب، أعني: أن الجميع مأمور بستر العورة. إذا هذا هو الأصل، وتُستثنى أحوال قليلة أنه يجوز للصغار ما لا يجوز للكِبار، وهي من مسائل –مثلاً- خوارم المروءة؛ فالصغار يجوز لهم أن يلعبوا بالألعاب، يعني ليس هناك شيء يُسمى للأطفال مروءة، تُحفظ مروءتهم، بخلاف الكِبار، الكبار لا بد تُحفظ مروءتهم ويتقيَّد بالعُرف، فلا يخرج –مثلاً- أمام النَّاس بلباس يدل على خِفة عقله وردِّ شهادته، بخلاف الطفل الصغير لا حرج عليه، ما أحد يلومه، لأنه طفل صغير. فهذه المسألة وهي مسألة خوارم المروءة مسألة أفعال قد يفعلها الصبي ولا –يعني- تُنكر عليه، بخلاف الكبير فإنها تُنكر عليه. فهناك مسائل يفترق فيها الصغير عن الكبير ولكن هذا هو الأصل: أن ما لا يجوز للكِبار لا يجوز للصِغار إلاَّ في بعض المسائل فيها تفصيل كمسألة المروءة. والله أعلم.

السؤال الثاني:
اللباس للأطفال ذكور وإناثًا –الصغار-، فيما يتعلق بلبس البنطال والقصير وما فيه ذات روح.

الجواب:
أولاً:
لبس البنطال، لبس البنطال إذا سمينا السراويل بناطيل كالسراويل التي تُلبس بالنِّسبة للرجال تحت الثياب، السراويل التي إلى نصف الساق أو إلى ما دون الكعبين عمومًا أو التي يلبسها بعض الدول الأعاجم، هذه تُسمى سراويل، فهذه السراويل ولو سُمي بنطلون وصُنِع من مادة صوفية –صوف- أو من قطن وغير ذلك من الألوان أو ما شابه ذلك الأنواع فهذا الأصل أنه جائز بالشروط الشرعية للباس الشرعي؛ وهي: أولا: أن يكون مصنوعًا من مادة مباحة. ثانيًا: أن يكون ساترًا للعورة إذا لُبِس وحده (هذه طبعًا بالنسبة للرجال وبالنسبة للمرأة أمام النساء أو أمام محارمها، وعورة المرأة كلها عورة بينها وبين محارمها إلاَّ مواضع الزينة، ويحرم عليها بينها وبين الرجال الأجانب جميع جسدها مع الخلاف الموجودة بين العُلماء في قضية الوجه والكفين). إذًا الأمر الأول لبس البنطال وإذا سمينا السراويل بناطيل؛ التسمية هنا ليست هي الفيصل، الفيصل هو ماهية هذا الشيء، فيجوز بشروط: الشرط الأول: أن يكون مصنوع من مادة مباحة. الشرط الثاني: أن يكون ساتِرًا للعورة بالنسبة للمرأة أو الرجل. الثالث: أن لا يُشبه لباس الرجال بالنسبة للنِساء، ولا يكون يُشبه لباس النساء بالنسبة للرجال، يعني: ما يكون فيه تشبه. الشرط الرابع: أن لا يكون مُشبهًا للباس الكُفار. الشرط الخامس: أن لا يكون لباس شهرة. الشرط السادس: أن لا يكون لباسًا ضيقا يُحجِّم، وهذا داخل في العورة لكن يُؤكد عليه؛ لا شفاف ولا ضيِّق. فبهذه الشروط يصح لبس البنطال، إذا سقط أي شرط من هذه الشروط لم يجز. هذا بالنسبة للكبار رجالاً ونساءً، أمام المحارم وما لا يكون أمام المحارم، طبعًا المرأة أمام الرجال لا يجوز أن تلبس البنطال أمام الأجانب، بل يجب عليها أن تلبس الجلباب وتستر نفسها لكن تحت الجلباب لو لبِست السراويل فهو أستر بهذه الشُروط التي ذكرتها، سواءٌ سُمي بنطالاً أو لم يُسمَّى، هذه تسمية أجنبية، العبرة هنا بالحقائق. وهنا أنا أنبه على قضية ما يسمونه الموضة والاهتمام ببعض الأشكال التي ترد من الكُفار، وهذا داخل في الشرط المنهي عنه وهو التشبه بالكفار. القصية إذا عُرفت للكبار فهي كذلك للصغار، فالطفل الصغير: البنت أو الذكر، يُربَّى على محاسن الأخلاق، ويُنشَّأ تنشئة صالحة ويُربَّى تربية سديدة بحيث لما يكبر يكون مستعدًا لقبول التكاليف متخلقًا بأخلاق المسلمين مُتربيًا على الفضائل كما كان السلف يفعلونه وكما حثَّ الإسلام عليه؛ «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، وهذه أمانة، فلذلك يُربي ولده على المحاسن. فلبس البنطال بالضوابط الشرعية للرجال والنِساء يجوز للأطفال، طبعًا بما أننا قلنا أن الطفل عورته غير عورة الرجل، والبنت عورتها غير عورة المرأة، فأيضًا يختلف فيجوز لها ما يجوز لتلك باختلاف العورة، لكن مع مراعاة الضوابط الشرعية، يعني: تغطية العورة التي هي للبنت وتغطية العورة التي هي للولد الصغير، وأن لا يكون فيه تشبه، حتى التشبه لكن الطفل لو لبس ما عليه إثم، ولو لبس ذا روح، ولو جاء بلُعبة فيها موسيقى، هو لا يأثم لأنه صغير لا تُكتب سيِّئاته، لكن والداه يجب عليهما أو الوصي على الولد –المسئول عنه- يجب أن يمنعه من هذه المحرمات ويُحذره منها ويُربيه على تركها، فيُمنع من لبس البنطال الذي فيه تشبه بالكفار أو الأولاد للبنات –تشبه-. كذلك القصير، طبعا الطفلة الصغير من حيث اللبس القصير وإظهار المحاسن تنقسم إلى قسمين –قبل البلوغ طبعا-: القِسم الأول: إذا كانت الطِفلة الصغيرة لا تُشتهى عادة عند الأسوياء، عند العُقلاء، لا تُشتهى، مثلاً أربع سنوات، ثلاث سنوات، خمس سنوات، عند الناس هذه البنت الصغيرة لا تُشتهى، حتى ست سنوات إلى سبع سنوات، لكن بعض البنات خِلقتهن كبيرة وضخمة وتظهر محاسنها بسرعة، فهذا لا يُقيِّد بعمر وإنما يُقيِّد بالشكل وإثارته لغرائز الرجال عُرفًا وعادة، والعرف والعادة يجعل السن لهذه الأمر سبع سنوات، لكن يختلف باختلاف البنات، أحيانًا تُمنع البنت من الظهور ببعض محاسنها في الشارع ولو خمس سنوات لكبر جسمها وظهور مفاتنها. فإذًا تُقسَّم إلى قسمين:القِسم الأول: ألاَّ تكون مشتهاة لدى الذكور عادة.الثاني: أن تكون مشتهاة. بهذا الفارق تُمنع البنت من إظهار بعض جسدها أمام النَّاس.

ثم هناك ضابط ثاني وهو: قضية الفتنة؛ يعني أحيانًا يكون في منطقة يشتهي الرجال الأطفال الصغار، هكذا طبع هذه القبيلة أو هذه البلدة، فحينئذٍ يحمي الإنسان بنته. وفي الهند عند الهندوس، يزوجون البنات زواجًا أربع سنوات، بل يُجامعها زوجها وهي عمرها أربع سنوات أو خمس سنوات، وإذا مات الهندوسي يحرقون هذه الزوجة خلفه سواء كانت كبيرة أو صغيرة، لكن من عقيدتهم ودينهم أن البنت ولو أربع سنوات أو خمس سنوات أنها تتزوج، ويزوجونها وتظهر محاسنها ويشتهونها، والأعجب من ذلك أنه قد وجد بنات في الخمس سنوات قد حِضْنَ، وأنا قد اطلعتُ قديمًا على مقال فيه بنت عمرها أربع سنوات وحاضت، أنا كنتُ أظن أن هذا الأمر قد يكون استحاضة، لكن لمَّا قرأتُ مؤخرًا عن فتاة من مصر عمرها ثمان سنوات عندها بنت –أو عندها ولد- وجاءوا معها بمقابلة ومعها الولد الصغير، وهذا أنا اِستغربتُ له، يعني هذه طفلها معها وهي عمرها ثمان سنوات. إذا القضية قضية البُلوغ وقضية المحاسن وإثارة الشهوة بالنسبة للرجال الأسوياء العُقلاء أو في بلد يكون هناك استثناء لهذا الأمر، وهؤلاء مرضى طبعًا، ولكن هذا الواقع أنه موجود فلذلك تُراعى الأعراف في تلك البُلدان ويُحمى الأطفال من تلك الفتن، لأن القصد هو حماية الأطفال وتربيتهم وتنشئتهم التنشئة الصحيحة.

كذلك ذوات الأرواح، ذوات الأرواح محرَّمة، تصاوير، لعن الله المصورين، والتصوير محرَّم بشتى صوره سواء كان رقمًا في ثوب، سواء كان رسمًا، سواء كان منحوتًا، سواء كان على صورة تِمثال هذا كله حرام. ذوات الأرواح تطرد الملائكة وتجلب الشياطين، اللهم إلاَّ ما جاز من الألعاب وما جاز من الأشياء الممتهنة للأطفال، هذا ورد فيه الدليل على خلاف بين العلماء؛ من العلماء من يمنع حتى لعب البنات التي على الصور يمنعها، مثل الشيخ بن باز واللجنة الدائمة يمنعونها، لكن أكثر العلماء على الجواز. فعلى من يعتقد الجواز فلا بأس، إذا كان في البيت ألعاب، لكن قضية وضع الصورة على القميص فمع كون هذا الأمر من أفعال الغرب الواردة على المسلمين، هو من المحرمات في ديننا، لأن هذا ليس امتهان هذا إعلان، واليوم نعرف أن النَّـاس يفتخرون بهؤلاء اللاعبين أو الممثلين ويحبونهم ومن علامات ذلك أن يجعلونهم على القمصان، فهذا ليس إهانة هذا إكرام، لا يجوز هذا الفعل ويحرم، ويجب طمس هذه الصور والطفل لا يأثم ولكن يأثم وليه، ويُعلَّم الطفل على حرمة هذه الأمور. والله أعلم.

السؤال الثالث:
ما يتعلق بالإسبال ولبس البنطلون والصور.

الجواب:
طبعًا سبق الكلام حول لبس البنطلون سواء كان للأولاد أو البنات، وكذلك صور ذوات الأرواح، بقيت قضية الإسبال. الإسبال إنما قد نُهي عنه لأجل أنه يُورث الخُيلاء، قال –صلى الله عليه وسلم-: «الإِسْبَالَ مِنَ الْمَخِيلَةِ»، وهذا منتفي عند الأطفال، فهذا الإسبال لا يضر الأطفال وليسوا مخاطبين به كالنساء مثلاً، الإسبال أنه دون نصف الساق بذراع يعني بحيث يزحف الثوب على الأرض لألاَّ تنكشف القدم هذا جائز، فلماذا العلَّة للمرأة؟ مع أن الإسبال من المخيلة، تغليبًا لجانب حماية المرأة من الانكشاف، والله –سبحانه وتعالى- رفع عن النساء قضية أن هذه الزيادة نوع من الكِبر، لكن يظهر الكِبر عند النساء فيما زاد على ذلك، إذا كان إرخاءه أكثر من ذلك عن نصف الساق. بالنسبة للأطفال لو أنهم لبسوا ما فيه إسبال فهذا لا يأثم –إن شاء الله تعالى-، وهذا من الفوارق بين الكِبار والصغار لانتفاء العلَّة والتي هي وجود المخيلة عند الأطفال. لكن من باب التربية والتنشئة نقول: الأولى والأفضل هو تربيتهم على اللباس على السُنة وعلى الشرع، سواء كان الأولاد أو البنات. والله أعلم.



السؤال الرابع:
حكم حلق شعر البنات من ثلاث سنوات فما فوق. وهل في المسألة تفصيل؟

الجواب:
المرأة لا يجوز لها أن تحلق رأسها والنبِّي –صلى الله عليه وسلم- برِأَ من كلِّ حالقة وسالقة، المرأة لا يجوز لها أن تحلق، ورد حديث نهى عن أن تحلِق المرأة رأسها لكن إسناده ضعيف لاضطرابه، لكن هذا مجمع عليه، نقل عن المنذر وغير واحد من العلماء إجماع العلماء على تحريم حلق المرأة لرأسها لأنها مُثلى، ولأنه تشبه بالرجال، لأنه تغيير لخلق الله، فهذا لا يجوز. فالنساء، جنس النساء عمومًا أطفال وكِبار لا يجوز لهن أن يحلقن رؤوسهن بدون ضرورة، إلاَّ الأطفال لما يولدوا، شعر الولادة يُشرع –على الصحيح من قولي العلماء- بالنسبة للذكور والإناث أن يُحلق الرأس، أما بعد شعر الولادة فلا يُحلق شعر الفتاة مُطلقًا، إلاَّ من ضرورة لمرض أو نحو ذلك هذا شيء آخر، أمَّـا الأصل فلا يجوز أن يُحلق للأطفال رؤوسهن من البنات، أما الأولاد فهذا معروف أنه جائز. إذًا حلق شعر البنت –ليس فقط ثلاث سنوات- ما بعد شعر الولادة لا يجوز، لعموم التحريم وهذا مشترك بين الكبار والصغار ولأنه تغيير لخلق الله وللإجماع على تحريم حلق المرأة لرأسها. والله أعلم إلا لضرورة، وبعض النساء يقلن حتى ينعم شعر البنت أو يقوى، هذا يحصل عندما يُحلق شعر الولادة، أما بعد ذلك فلا فائدة منه، وهناك –الحمد لله- أدوية تُستخدم لأجل تليين الشعر ولأجل تقوية الشعر، الدواء طيِّب، لكن الحلق بدون ضرورة لا يجوز. والله أعلم.

السؤال الخامس:
الرسوم المتحركة وألعاب الفيديو والتلفاز ما حكمها؟ وهل فيها تفصيل؟ وهناك من يُجيزها بضوابط تكاد تكون مستحيلة وهناك من منعها. وعلى أي أساس اعتمد الفريقان؟

الجواب:
هذه الرُسوم والمتحركة والألعاب التي بالفيديو والتلفاز هي تنقسم إلى قِسمين: رسوم متحركة لذوات الأرواح؛ يعني: لحيوانات، لإنسان. ونوع آخر: رسوم متحركة لليس ذوات الأرواح؛ أشجار ونحو ذلك، تتحرك أو جبال أو آلات ليس لها وجه، فهذه تحرم –الرسوم المتحركة- أو نأتي باختصار إلى ما في التلفاز ما يُعرض من برامج أو ألعاب الفيديو، فنقول: إن هذه الألعاب الموجودة اليوم معظمها حرام لعدَّة أسباب: السبب الأول: لأنها مشتملة على تصوير ذوات الأرواح، وهنا تصوير ذوات الأرواح وإن كانت ممتهنة داخل الشريط وإنما هي للتسلية لكن هو حرام لأن الذي يُصممها هو قد ارتكب الحرام، ونحن بشرائنا لأشياء قد روجنا لفعله ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المـائدة: 2]، المشكلة الأولى: التصوير، وهذا فيمن يفعل التصوير وفيمن يُروج له. لكن قد يُقال هذا ينتفي فيمن جاءه البرنامج مجانًا ورآه مجانًا، فهذا لا يكون مروِّجا، فحينئذٍ لا نستطيع مجرد المشاهدة للصورة المتحركة، لكن الإشكال حال وجودها في البيت فإنها تطرد الملائكة على قول، والقول الآخر أنها بما أنها داخلة في حكم لُعب البنات وفي الفرس الذي كان لعائشة –رضي الله عنها- له أجنحة، فمن العلماء من قال أن وجود الرسوم المتحركة جائز إذا كان لألعاب الأطفال بخلاف ما إذا كان يستخدمه الكِبار للمشاهدة كالفيديو ونحو ذلك فهذا لا يجوز، لأن الكبار لا يحق لهم أن يلعبوا بالبنات ولا أن يكون عندهم هذه الألعاب، إنما هذه فقط للأطفال.

الأمر الثاني المحرِّم هذه الأمور: وجود الموسيقى والغناء، ولا تكاد تسلم هذه الألعاب والرسوم المتحركة من هذه الموسيقى.

الأمر الثالث: وجود التعري بالنسبة للبنات أو بعض الأمور الـمُخِلَّة بالنسبة للأولاد، فهذه الأمور بسبب إخلالها بالآداب الشرعية والتعري الموجود فهذا يحرم تربية للأولاد على الخير وبُعد عن الشر.

الأمر الرابع: أن كثيرًا من هذه البرامج إنما تُستخدم لإيصال فكرة معيَّنة أو عقيدة معيَّنة لأهل الكُفر وأهل الفجور وأهل البِدع وأهل الخُرافة من صوفية ونحو ذلك، فيُمنع مثل هذه البرامج. لكن إن سلِمت من هذه الأمور التي هي الترويج للبدع والشِركيات والـخُرافيات وإنما فيها تعليم لآداب معيَّنة شرعية يبقى التحريم لقضية الرُسوم فقط لا غير. وهي مسألة اجتهادية.

إذًا عندنا أربعة أسباب، قد تخلو منها بعض الألعاب مثل لعبة السيارات والطائرات –لعبة الفيديو-، بدون موسيقى، بدون وجود نساء، بدون وجود صور هذا جائز لا بأس به، يعني هذه من البدائل المشروعة المُباحة، يعني هناك ألعاب –وهذا موجود من صمن الأسئلة: يعني ما هو البديل الشرعي لكل هذه الأشياء خاصة للصغار من خمس سنوات فما فوق؟-. البديل الشرعي: طبعًا نحن نُنشِّئ الأولاد على الإسلام الصحيح، نربيهم على الأخلاق الفاضلة، على الآداب الشرعية، على الاهتمام بالقرآن، على الاهتمام بالصلاة، على الاهتمام بتعلم العلم الشرعي وغير ذلك، كذلك هناك أوقات للأولاد يحتاجون للعب، هناك ألعاب مباحة؛ يلعبون الكرة، وهذه معروفة كانت عند الأقدمين، كذلك يلعبون بالجري، وكذلك: "علموا أولادكم السباحة" كما في قول عمر –رضي الله عنه-، "والرماية وركوب الخيل"، يتعلَّم اللعب بالسيارات نشتري له سيارة يلعب بها، وطيَّارة وألعاب التي يلعبونها، كذلك المراجيح هذه الأشياء التي يلعبون بها، الأرجوحة ونحوها من الألعاب التي يلعبونها، كله مُباح –الحمد لله-، كذلك ألعاب الفيديو؛ هذه الطائرات والسيارات والضرب (ليس ضرب الأشخاص لكن ضرب الأهداف) هذا لا بأس به، هذا من الرماية، "علِّموا أولادكم السباحة والرماية"، فتعليمهم الرماية بألعاب الفيديو هذا لا بأس به، ولا سيما أن في عصرنا الحاضر من الرماية في الجهاد في سبيل الله قضية الرماية بالطائرات تحديد الهدف ورميه، وهذا موجود في الألعاب.

فالألعاب إذا خلت من الموسيقى والرُسوم المتحركة –على الصحيح من قولي العلماء- والأهداف الضالَّة، إذا خلت من هذه الأمور الثلاثة، فالحمد لله البدائل موجودة. كذلك هناك من الألعاب اسمها "الكِيرم" هذه لعبة مُباحة، أما لعبة "المونوبولي" وكذلك "الدومنا" وكذلك لعبة "السلم والحية" أو "سالم والحيايا" و"النرد"، وكذلك لعب الورق سواء في الفيديو، بالكومبيوتر أو بالألعاب في البيت، هذا كله حرام، "الأونو"، جميع الألعاب التي فيها حظ لا يجوز لا للصغار ولا للكبار، ويُعلَّم الأولاد على الأشياء المباحة، والأشياء المباحة –الحمد لله- كثيرة جدًا لكن النَّاس أحيانًا يعجزون عن إيجاد هذه الأشياء الكثيرة ويبحثون فقط عن الحرام لجهلهم أو عجزهم. والله أعلم.

السؤال الأخير:
يقول: متى يبدأ الوالدان بتعليم الأبناء الصغار العقيدة وغيرها، خاصة وأننا سمعنا الشيخ العثيمين –رحمه الله- يقول أنه لا يُعلَّم الطِفل قبل الخامسة؟

الجواب:
الأطفال يُعلَّمون إذا عقلوا العلم، وعقلوا الحِفظ، واستطاعوا أن يفهموا، فحينئذٍ يبدأ الإنسان بتعليمهم وتحفيظهم القرآن وتعليمهم الآداب والأخلاق، فبعض الأطفال من أربع سنين، ومعروف حديث محمود بن الربيع: «عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ»، فالطفل يُعلَّم وهو صغير ما ميَّز وفهِم واستطاع أن يحفظ، والأولاد يختلفون في قدراتهم؛ فيه طفل من ثلاث سنوات يبدأ يحفظ، فيه طفل من أربع سنوات، فيه طفل من خمس سنوات فلذلك الإنسان يُراعي حال طفله الذي عنده. وتربية الأولاد تبدأ منذ الطفولة، يعني مثلاً الطفل إذا زحف يأتي ليُخرِّب الكأس، يُخرِّب الفراش، يُخرِّب أدوات البيت، ماذا يفعل الآباء حينئذٍ؟ يمنعونه، يُرشدونه، قد لا يفهم الآن لكن مع كثرة التكرار قد يفهم، البهائهم مع كثرة التكرار قد تفهم، كيف بالإنسان؟ فلذلك أمور الدِّين لا يفهمها إلاَّ إذا عقل خلاف أمور الدنيا يُؤمر بها وإن لم يعقل، من باب الحماية له ومن باب التكرار الذي قد يوصله إلى الفهم. لكن متى ميَّز الطفل شُرِع تدريبه وتعليمه، وأحسن سن للتدريب والتعليم والذي يؤمر به النَّاس هو سن السبع سنوات، لقوله –صلى الله عليه وسلم-: «مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ» وهذا يقتضي أنهم يُعلَّموا الصلاة قبل سبع، يعني هو ست سنوات يبدأ يُعلِّمه أحكام الصلاة حتى يجي سبع سنوات وهو يُصلِّي. فلذلك سن التعليم يبدأ قبل السابعة؛ العقائد، النبِّي –صلى الله عليه وسلم- لما أخذ الحسن تمرة وهو صغير عمره تقريبًا ثلاث سنوات، رماها من يده وقال: «كِخْ، إِنَّهَا مِنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ، إنَّا آلَ مُحَمَّدٍ لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ لِأَنَّهَا أَوْسَاخِ النَّاسِ»، فالنبِّي –صلى الله عليه وسلم- أنكر على الحسن أكل التمرة من الصدقة وهو عمره –أظن- ثلاث أو أربع سنوات. فلذلك يُربَّى الأولاد التربية الشرعية متى عقل وفهم، وعنده القابلية للحفظ فيبدأ يُحفَّظ، يُربَّى على الأخلاق الحميدة؛ الغِناء حرام، حلق اللحية حرام، يعني إذا شاهد والده يُربِّي لحيته وبعض الناس يحلقون، يعني إذا جاءت المناسبة يقول هذا حرام يا ولدي، إذا الغِناء يقول هذا حرام يا ولدي ويا بنتي، إذا شافت البنت امرأة عارية قالت هذا حرام يا بنتي .. وهكذا حسب المناسبات، لكن تحرص المرأة ويحرص الرجل على تعليم الأولاد الأخلاق والفضائل الحميد متى عقل، شيئًا فشيئًا، ثم إذا بلغ السابعة أُمِر بالصلاة، وإذا بلغ العاشرة ضُرب عليها وفُرِّق بينه وبين إخوانه في المضاجع حتى لا يكون اختلاط بين الأولاد والبنات، حتى بين الأولاد فيما بينهم كل واحد له فراش إذا بلغ سن عشر سنوات.

والآباء يتدرجون مع الأولاد ولا يُشدِّدوا عليهم، يعني إذا استمع الولد إلى موسيقى، إذا شاهد شيء محرم لا يُبادر التغليظ عليه وضربه ضربًا أليمًا كأنه يضرب بعيرًا أو حمارًا، لا، بالرفق، باللين لا سيما الصغير الذي لم يبلُغ والذي لا يفهم قدر المسئولية أو قدر الأمر الحرام، فهذا لا يغلو في تعليمه ولا يتساهل في تعليمه، يكون وسطًا ويكون الأب والأم قدوة، وكيف يستقيم الظل والعود أعوج؟!﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ [الأحزاب: 21]، فالقدوة لا بد أن يكون الأب قدوة والأم قدوة، والأولاد في الغالب يُقلِّدون الآباء والبنات يُقلِّدن الأمهات، فالأم تحتاج إلى أن تكون ذا خُلُق حسن، لا تتلفظ بألفاظ قبيحة؛ اللعن والشتم والكلام القبيح، فإذا طهَّرت لسانها تستطيع حينئذٍ أن تُربِّي بنتها على طهارة اللسان، والأب إذا طهر لسانه يستطيع أن يُطهِّر لسان ولده. لكن إذا كان الأب وكانت الأم هم أنسفهم يسبون ويشتمون وعندهم كلام قبيح، فبماذا يكون ردة فعل الأولاد؟ سيكون هناك تعارض بين الأقوال والأعمال، لذلك ينبغي أن يكون الآباء قدوة لأبنائهم في التربية والتعليم، والترغيب والترهيب، والأخلاق الحسنة والقدوة الحسنة، وكذلك أن يذهب بهم إلى الأماكن الفاضلة، والنبِّي –صلى الله عليه وسلم- كان يأمر بخروج النساء إلى العيد حتى الأطفال يذهبوا إلى العيد، ولم يأمر الأطفال –عمومًا- في العيد لكن في الاستسقاء كان يخرج حتى الصِبيان إلى مُصلَّى العيد، ونساء الصحابة –رضي الله عنهن- كنَّ يأتين بالصبية، والنبِّي –عليه الصلاة والسلام- كان يُريد أن يُطيل الصلاة فيسمع بُكاء الصبي فيُخفف في الصلاة. والصبيان كانوا يأتون المسجد ويُصلُّون خلف الرجال، فلذلك نحن نُعوِّد الأولاد على المسجد، ودخل طفل المسجد وهو دون السابعة، يعني الحسن والحُسين لما كان الرسول –عليه الصلاة والسلام- يخطب وجاء وهو يتعثر بحلة حمراء، قطع الخطبة وحمله وقال: «صَدَقَ اللَّهُ : إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ». فالإنسان لا يمنع الصبية الصغار من دخول المسجد، المهم أن يكون هناك رعاية لهم، للأولاد والبنات، واهتمام بهؤلاء الأطفال ألاَّ يعبثوا بالمسجد ومحتوياته وأن لا يأتوا للعبث فقط، إنما لتربيتهم على البيئة الصالحة. والدعاء للأولاد، وعدم الدعاء عليهم، لأن دعاء الوالدين مستجاب؛ للأولاد وعلى الأولاد، «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ» كما قال –صلى الله عليه وسلم-. والإنسان يدعو الله –سبحانه وتعالى- أن يُصلح ذريته: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً [آل عمران: 38]، وقال –سبحانه وتعالى-: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان: 74]، يعني قدوة يُقتدى بهم في الخير.

فلذلك تربية الأبناء صعبة، وتحتاج إلى مجاهدة للنفس وتطبيق الشريعة، وعمل بأحكام الإسلام، ومحاولة التخلق بالأخلاق الفاضلة والحسنة وتعليم الأولاد هذه الأمور، واللجوء إلى الله –سبحانه وتعالى- بأن يهديهم وأن يُصلحهم ويُنبتهم النبات الحسن، وكذلك يُبعدهم عن الأشرار ومجالسة أهل السوء، ويختار لهم البيئة الطيِّبة والمدرسة الطيِّبة، ويحتار لهم الجلساء الطيِّبين، ويُركز على الاهتمام بالأولاد حال زيارتهم للأقارب إذا كانوا غير مستقيمين، فيُجنِّب أولاده الفسوق والانخراط مع الأقارب إذا كان عندهم معاصي، إما يمنع أو يُقلِّل، ويحاول أن يُفهِّم ولده أن هذا حرام لا يجوز حتى لا يقعوا في هذا الحرام بسبب وجود هذا الأمر عند الأقارب، وهذا فيه مجاهدة ويحتاج إلى صبر، ويحتاج إلى حِلم، ومشاكل بين الناس كثيرة في مثل هذه القضايا، لكن الدعوة تحتاج إلى صبر، تحتاج إلى عزيمة، تحتاج إلى آداب، تحتاج إلى علم.

أسأل الله –سبحانه وتعالى- أن يُصلح أولادنا وأولادكم وأن يُجنِّبنا وإياكم الفِتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظ علينا ديننا وإسلامنا وأن يحفظ علينا ذريتنا وأن يُصلح أزواجنا وأنفسنا. والله تعالى أعلم وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد، والحمد لله ربِّ العالمين.
وهذا جواب الشيخ على سؤال ورده عبر الهاتف:
المرأة إذا هجرها زوجها سنوات ولم يُطلِّقها، فبعد الأربعة أشهر يحق لها أن تُطالب بالطلاق، بعد أربعة أشهر من هجر الزوج يحق لها المطالبة بالطلاق؛ ﴿لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ۖ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة: 226-227]، فالذين يُؤلون يعني: يحلفون على أن لا يقرب الرجل امرأته أربعة أشهر، هذا له، أما بعد أربعة أشهر فاختلف العلماء هل تطلق مباشرة أم لا بد من طلب المرأة للطلاق؟ الصحيح أنه لا بد من طلب المرأة للطلاق أو إنشاء الزوج للطلاق، لا يكفي نهاية الأربعة أشهر. وعليه فهذا الذي غاب عن اِمرأته أربعة سنوات أو أكثر واتصل بالهاتف فقط، مادام لم يحصل منه الطلاق ومادام أنها لم تطلب الخُلع ولا الطلاق فحينئذٍ هي مازالت زوجته ولا يحتاج رجوعها إلى عقد جديد. نعم.

لتحميل التفريغ منسق في ملف وورد:
هنا
لتحميل التفريغ منسق في ملف pdf:
هنا